على عرش الرقي بأخلاقها

على عرش الرقي بأخلاقها






بطلة قصتنا نموذجا رائعا للأخلاق العالية ومثالا يحتذى، أم يمان درة الصابرات, الودودة، والخلوقة، والحنونة، عاشت مع زوجها ثمانية عشر عاما تحملت فيها كل أنواع الصعاب, تصحو في كل يوم تعلمه خلقا جديدا بود وطيبة.
فأحبها من كل قلبه وأجاب دعوتها في أمور كثيرة, فالتزم بالصلاة بعد صبر أعوام, وأصبح طيب اللسان, تعاملت معه بالحكمة والرأفة واللين واتخذت من خلق النبي صلى الله عليه وسلم نبراسا لها في حياتها في قوله تعالى:» وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا رَحْمَةً لِلْعَالَمِينَ»، وفي قوله:» فَبِمَا رَحْمَةٍ مِنَ اللَّهِ لِنْتَ لَهُمْ وَلَوْ كُنْتَ فَظّاً غَلِيظَ الْقَلْبِ لَانْفَضُّوا مِنْ حَوْلِكَ « .
أضاءت بيتها بنور ملائكي وهدوء وسكينة بل وصلت دعوتها إلى خارج بيتها لتصل نور كلماتها إلى أرجاء المنطقة التي تقطن، وما حولها، وتمر الأيام وتكتشف أن الذي صبرت عليه بالأمس, وظنت أنها غيرت أخلاقه يطعمها وابنها حراما.
فتوجهت إلى العلي القدير إن لا يدخل جوفها وابنها حراما .
حاولت بحكمتها بالإرشاد والتوجيه والإصلاح ومساعدته بكل الطرق حتى يرتجع بالترغيب والترهيب وفي كل مرة يحلف بالله ألا يعود للحرام، ولكنه يصر على موقفه فتأبى درة الصابرات إلا أن يكون الفراق بعد سنوات الصبر, فصبرها كان على كثير ولكنه لن يكون على الحرام بعد أن علمت ووجهت، ففرت بدينها بطلاق راق أذهل المحكمة والحضور, تنازلت فيه عن كل حقوقها وحقوق ابنها ولم تقبل منه قرشا واحدا وتربعت في عدة الطلاق الراقي بأخلاقها ولم تأت بسيرته أبدا إلا بالخير رغم كل ما كان.
وتنتهي العدة وتظل إلى اليوم تدعو له بالهداية وستظل تدعو له إلى أن تلقى الله, وكيف لا تدعو له وهي تحب الله وخلق الله جميعهم ولا تدعو على مخلوق أبدا حتى ولو ظلمت، فقد علمت أنها تركت شيئا لله وسيعوضها الله خيرا بإذن الله, وعلمت أن النبي محمد صلى الله عليه وسلم ما دعا على قومه أبدا.
نعم بعد قصة صبرها مع الإصلاح رفضت أن تأكل حراما فنار جهنم عندها أكثر خوفا من مخاوف الدنيا وصعابها.
درة الصابرات أكرمها الله بفرج واسع عظيم كيف لا وهي تلهج بدعاء علمته للكثير» اللهم ارزقنا صدق اليقين بك وحسن التوكل عليك حتى لا نرجو أحدا غيرك».
ما أجمل أن نرزق حسن التوكل على الله وان نحسن التعامل مع خلق الله حتى في أصعب المواقف فلن نجني من هذه الدنيا إلا رقي أخلاقنا فبالرقي تفتح لنا الأبواب وتذلل لنا الصعاب ويأتي الفرج من أوسع الأبواب
فلنتذكر حديث معلمنا صلى الله عليه وسلم :» إِنَّ مِنْ أَحَبِّكُمْ إِلَيَّ, وَأَقرَبكُمْ مِنِّي مَجْلِساً يَوْمَ القِيامَةِ أَحاسِنُكُم أَخْلاقاً, وَإِنَّ مِنْ أَبْغَضِكُمْ إِليَّ, وَأَبعَدِكُمْ مِنِّي يَوْمَ القِيَامَةِ, الثَّرْثَارُونَ, وَالمُتَشَدِّقُونَ وَالمُتَفَيْهِقُونَ؟ قَالُوا يَا رَسُولَ اللهِ: فَمَا المُتَفَيْهِقُونَ؟ قَالَ: المُتَكَبِّرُون.